sro0o2a Admin
المساهمات : 104 تاريخ التسجيل : 21/04/2009 العمر : 30
| موضوع: ناجي العلي... الإرث والأثر والثأر السبت أبريل 25, 2009 5:37 am | |
| ناجي العلي... الإرث والأثر والثأر
تقودنا الذكرى الرابعة عشرة لاستشهاد ناجي العلي إلى محاولة النظر مرة أخرى إلى موروث الشهيد الغني، وإلى بحث تأثيره على فن الكاريكاتير الفلسطيني المعاصر، وإلى محاولة البحث مرة أخرى عن خيوط ما زالت غامضة في جريمة اغتياله النكراء.
الإرث:
لقد ترك ناجي ما يربو على أربعين ألف عمل من الأعمال المتنوعة في مجال الكاريكاتير السياسي، وهي أعمال تبعثرت هنا وهناك بسبب اضطرار ناجي إلى الرحيل أكثر من مرة ومن أكثر من عاصمة ما بين بيروت والكويت ولندن، وكذلك بسبب انتقاله للعمل في أكثر من جريدة أو مجلة.
هناك الأعمال الأصلية، وهي ليست مجموعة حتى الآن. وهناك ما نشر في عشرات الصحف العربية والعالمية، منذ بداية عمله في مجلة (الطليعة)، الكويتية منذ أوائل الستينات حتى يوم اغتياله حيث كان يعمل في جريدة (القبس)، الكويتية. وهناك المعارض الفنية التي أقامها أو شارك بها، وهناك ما لم ينشر من أعمال وظل في (درج التاريخ)، كما يسميّه الشاعر أحمد دحبور، وهناك ما جمعه ناجي بنفسه في كتب خاصة به وعددها لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة على أية حال.
إن أهمية جمع وتوثيق أعمال ناجي العلي تكمن في أنها تعكس رواية أخرى لتاريخ القضية المعاصر بريشة فنان متمرد معارض أمتهن هذا النوع المشاكس من الفن، وحاول أن يكون صوت من لا صوت لهم، ولسان حال المعذّبين المسحوقين، كما حاول أن يطرح وجهة نظره الخاصة التي اختلفت عن الرواية الرسمية في كثير من الجوانب.
كانت رواية ناجي صادقة وعضوية ومؤشرة والأقرب إلى القلب، ذلك أن هذه الرواية اعتمدت سلاحا مجربا لدى الضعفاء منذ فجر التاريخ، ألا وهو سلاح السخرية. إنها السخرية السوداء. الملتبسة مرة على شكل مأساة ومرة أخرى على شكل ملهاة (صراع الكوميديا والتراجيديا)، اللتان تتبادلان الأدوار في كل مرحلة من مراحل إعادة قراءة التاريخ الذي يكرر نفسه أو هكذا يخيل لنا.
الأثـر:
تحول ناجي العلي حتى في سني حياته إلى مدرسة واضحة الملامح في فن الكاريكاتير الفلسطيني، بل والعربي عموما. كانت هذه المدرسة جزءا من مدرسة عربية أكثر شمولا، أخذت تصارع النظام السياسي الرسمي السائد مستخدمة سلاح السخرية إياه في مقابل مدرسة أخرى سارت (الحيط الحيط)، وابتعدت قدر الإمكان عن السياسة محاولة تجنب غضب المخابرات. كان من رواد المدرسة الأولى التي تركزت في مصر في الأغلب (حجازي)، و(بهجت)، و(جورج بهجوري)، وغيرهم.
استمر ناجي في تدعيم أسس مدرسته في الوقت الذي انكفأت فيه المدرسة المصرية على نفسها إثر ما مارسته مخابرات النظام من أساليب قمع وتشديد على الصحافة وحرية الرأي وبالتحديد في سنوات الثمانينيات.
كان من ملامح مدرسة ناجي اعتماد أسلوب الرسم الصامت في البداية. كان هذا كافيا للوصول إلى قطاع واسع من القراء البسطاء بما في ذلك الأمّيون. وكان من ملامحها كذلك اعتماد شخصيات محددة مستوحاة من واقع المخيم ومنحوتة من طينة أكثر الطبقات الشعبية انسحاقا، فدخلت إلى القلوب بدون استئذان. ثم كان ان اعتمد ناجي حنظلته في زاوية الرسم كأيقونة وشاهد يذكر كما الناقوس بالهدف المرسوم وينذر لدى اقتراب الخطر.
كانت خطوط ناجي بسيطة ومقننة. اعتمد في الغالب على التناقض الصارخ بين الخط الرفيع الانسيابي والمساحة السوداء الثقيلة، كما اعتمد على الخطوط النحيلة المتعاكسة بزوايا قائمة كأسلوب للتظليل وبتركيز على البعد الثالث للرسم، فكانت الرسومات في النهاية لوحات مجسمة معبرة متوازنة من حيث التكوين.
هذا من حيث التشكيل، أما النص فقد لجأ إليه ناجي بعد فترة طويلة من الرسم الصامت بعد أن خرج بنتيجة أن هناك طاقة كبيرة مختزنه لا بد من التعبير عنها بالصراع و(رفع الآذان)، كما قال. وحين خرجت رسومات ناجي عن صمتها كان حديثها مشحونا لاذعا معتمدا على تراث غني من الأمثال والمأثورات الأدبية والشعبية والدينية، حملت عدة أوجه للتأويل.
لاقت رسومات ناجي إعجابا شعبيا متزايدا، مما دفع الصحف العربية إلى التسابق في نشرها وفي أماكن بارزة.
حملت الرسومات الهم الفلسطيني بكل تجلّياته ووجدت لها حيزا واسعا نسبيا في الصحف العربية الواسعة الانتشار.
وعلى الرغم من الحصار الثقافي الخانق الذي وقعت تحته الأرض المحتلة عام 67، ومناطق عام 1948، فإن رسومات ناجي وجدت طريقها إلى الصحف المحلية ضمن ما كان يرشح من الصحف الفلسطينية والعربية الصادرة في قبرص أو أوروبا، عبر البريد المهرب أو عبر الفاكس الذي دخل حديثا. لقد فتح هذا المجال أمام رسومات ناجي أن ترى النور من على صفحات ثلاث صحف يومية (القدس)، و(الميثاق)، المقدسيتين و(الاتحاد)، الحيفاويه الأمر الذي ساعد على تعريف الشعب تحت الاحتلال على ناجي وإلى تأثر الرسامين المحليين بفن وأسلوب مدرسته.
الثـأر:
بعد مرور أربعة عشر عاما فإن أحدا لا يقر بانتفاء ضرورة محاسبة القتلة بفعل تقادم الجريمة. إن ما تسرب لنا من معلومات في حينه عن جريمة اغتيال ناجي إن الشرطة البريطانية قامت باعتقال اثنين من عملاء ما يعرف بـ (الموساد)، متورطين في الجريمة واكتشفت مخزنا للأسلحة تابعا لهما في مدينة (هاك)، القريبة من لندن لنعرف بعد ذلك أنه تم نقل هذين العميلين إلى إسرائيل بحجة مخالفتهما قوانين الهجرة كي يطوى الملف، إلى هذا الحد تسلل العدو من خلال ثغرة مشؤومة نشأت في تلك الفترة حين برز الانقسام واضحا في الساحة الفلسطينية بين المؤيدين للتسوية والمعارضين لها، بين المدافعين عن شرعية منظمة التحرير والمتحفظين عليها، حيث كان ناجي بأسلوبه اللاذع من أنصار الفريق الثاني.
في تلك الأيام لم يتسع صدر كثير من الكتاب المدافعين عن الشرعية أمام انتقادات ناجي وغيره، حيث شنت حملة شرسة وجارحة بحق ناجي والجماعة الرافضة ولتصل الحملة مستويات من الهجوم لم تصل إليها من قبل.
في هذه الأثناء، كان هناك من يسترق السمع إلى هذا الحوار الانفعالي والمتوتر. وكان هناك من يضع الرصاص في المسدس كما لاحظ وبحق شاعرنا محمود درويش (كان يرسم، كنت أكتب)،... وكان ناجي هو الضحية.
ناجي العلي: في الذكرى الرابعة عشرة لغيابك... نجدد عهد الوفاء والمحبة لك وأنت تقبع غريبا هناك في القبر رقم 230190، في مقبرة (بروك وود)، ليس ببعيد عن عاصمة الضباب...
الضباب الذي سينقشع يوميا عن ظروف قتلك غيلة، كي تأخذ (العدالة النسبية) مجراها...
(العدالة النسبية)، في أن يلاقي القتلة عقابهم... وفي أن يعود ابن (الشجرة) إلى شجرته الأولى...
| |
|
بطوطة Admin
المساهمات : 103 تاريخ التسجيل : 16/02/2010 العمر : 30
| موضوع: رد: ناجي العلي... الإرث والأثر والثأر الإثنين فبراير 22, 2010 9:15 am | |
| | |
|